صلاة الاستخارة
ثبوت سنتها:
أولا:
أخرج احمد والحاكم وأبو يعلي وابن حبان والبزار بسند جيد والترمذي، عنه صلى الله عليه وسلم قال: (من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله).
(ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله).
ومن الثابت قولهم:
"لا خاب من استخار، ولا ندم من استشار". وهي صلاة مستحبة عند الجمهور، والجمع بين الاستخارة "من الله" والاستشارة "من الناس" من تمام الجمع بين طرفي السنة. قال قتادة: "ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلي أرشد أمرهم".
ثانياً:
روى البخاري من حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، قال الشو كاني: هذا دليل على العموم، وإن المرء لا يحتقر أمرا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه. فرب أمر يستخف به فيكون في الإقدام عليه أو في تركه ضرر عظيم. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (وليسأل أحدكم ربه، حتى شسع نعله) وقد كان السلف يطلبون من الله حتى ملح الطعام وما هو أقل منه، ثم يأخذون في الأسباب.
كيفيتها والقراءة فيها:
أما كيفيتها:
كما رواه البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة)
(أي يصليهما سنة بنية الاستخارة) ويقرأ فيهما بما شاء، واختار بعضهم اجتهادا أن يقرأ فيها بسورة يس، نصف في الركعة الأولى ونصف في الثانية، واختار بعضهم سورة الكافرون والإخلاص، واختار شيخنا آية الكرسي وأواخر البقرة، واختار بعضهم آية (وربك يخلق ما يشاء ويختار) إلي (يعلنون) في الركعة الأولى، وآية (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة) إلي (مبينا) في الركعة الثانية، وقد فضلوا أن يكون ذلك قبل النوم مباشرة فقد تصادفه رؤيا صادقة وهي جزء من النبوة، قال صلى الله عليه وسلم: (ثم ليقل ـ أي بعد الصلاة وهو على جلستها مستقبلا القبلة، مستحضرا حاجته إلي الله ـ الدعاء الآتي:
دعاؤها:
"اللهم أنى استخيرك بعلمك
وأستقدرك بقدرتك
وأسألك من فضلك العظيم
فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم
وأنت علام الغيوب
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر.
"يجوز أن يسمى حاجته أو يكتفي بنيته والله أعلم بها".
خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
(وعاجل أمري وآجله)
فأقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر
شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
(وعاجل أمري وآجله)
فأصرفه عني وأصرفني عنه
واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به").
ويجوز تكرار هذا الدعاء في الجلسة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب تثليث الدعاء، حتى إذا انشرح صدره مضى على اسم الله وبركاته.
معلومات عنها:
وأباح شيوخنا تكرار عمل الاستخارة إلي ثلاث مرات في ثلاث ليال ـ بل سبع مرات كما نقله ابن السني وغيره عن أنس ـ إذا لم يتضح أمره وينشرح صدره لأحد حاليه، قال الإمام النووي: "ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، ثم قال: بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا، وإلا فلا يكون مستخيرا وقال: فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة من اختياره لنفسه".
وأخذوا من حديث أبي أيوب جواز أن تكون صلاة الاستخارة في المرة الواحدة، بأكثر من ركعتين بتسليمة واحدة، كما أجازوا الدعاء فيها بما يستطيع. قلنا: وقد تكون الرؤيا التي ترى ـ بعد هذه الصلاة ـ من موجهاته إلي تدبير الله واختياره، وعلينا ممارسة الأسباب الكونية مع الاستخارة، وما قدر يكون.