منـــــــــــــتـــــــــديات نــــــــــهــــــــــــــــــاد
اهلا وسهلا
انت لحد الان لم تسجل معنا ونحن نتشرف بتسجيلك معنا اخي الزائر الكريم
منتديات نــــــهـــــــــا د
منـــــــــــــتـــــــــديات نــــــــــهــــــــــــــــــاد
اهلا وسهلا
انت لحد الان لم تسجل معنا ونحن نتشرف بتسجيلك معنا اخي الزائر الكريم
منتديات نــــــهـــــــــا د
منـــــــــــــتـــــــــديات نــــــــــهــــــــــــــــــاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منـــــــــــــتـــــــــديات نــــــــــهــــــــــــــــــاد


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 

 عدد الضغطات  : 2




 

 اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
××المجروح××
مشرف عام
مشرف عام



عدد المساهمات : 548
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي Empty
مُساهمةموضوع: اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي   اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2009 9:14 pm

اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي




الزمان: أواخر القرن الثالث والعشرين العام 2296م.

المكان: أحد مراكز الأبحاث التكنولوجية في الدولة العربية المتحدة العظمى.

اسمي هو (أحمد مصطفي عز الدين).. في الرابعة والعشرين من عمري.. عالم فيزياء شاب أعمل في مركز الأبحاث الدولي.. ذلك المركز العلمي الذي تم بناؤه في دولتنا العربية المتحدة منذ حوالي سبع سنوات.. لقد كان اتحاد العرب وتكوينهم لدولة واحدة حلما يراود كل العرب في العالم القديم على اختلاف أفكارهم وعقائدهم وميولهم واستعداداتهم وتقاليدهم.. ولقد بدا لوهلة أن هذا الحلم لن يتحقق أبدا، ولكن كان انهيار اسرائيل بعد حربها الطويلة المستمرة مع فلسطين، بمثابة البذرة التي ارتوت بماء الأمل..

نعم انهارت اسرائيل!!

أعلم أن هذا خبر يثير ذهولكم واستنكاركم، ولكنها الحقيقة.. الحقيقة وحدها مجردة وواضحة.. انهارت تلك الدولة اللعينة على يد الأبطال الفلسطينيين الأحرار من كتائب المقاومة.. تلك المقاومة التي اشتركت مع ذلك الوباء الغامض والرهيب الذي ظهر فجأة في ذلك العصر المظلم من تاريخ العالم القديم في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، لتنهار اسرائيل إلى الأبد ولا تقوم لها قائمة بعد ذلك.. كان ذلك الانهيار بمثابة الضربة القاصمة.. ضربة بدت وكأنها شعاع الأمل.. ذلك الشعاع الذي سرعان ما ارتفع إلى عنان السماء وانطلق وراء الأفق محققا أحلام كل العرب.. عندها ثارت كل الدول الغربية المستبدة وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وأخذت تلك الدول تحارب فلسطين عقابا لها على ما فعلت باسرائيل..
وللأسف سقطت فلسطين فريسة للولايات المتحدة.. كان ذلك في نهاية القرن الحادي والعشرين.. عندها أدرك العالم العربي أن شوكة جديدة قد نبتت في ظهر العرب، خاصة بعدما أخذت أمريكا تحاول توسيع نفوذها وسطوتها وتغزو تدريجيا بلاد العرب..
أدرك العرب وقتها أن الوحش الآدمي المسمى باسرائيل لم يمت، بل حول اسمه فقط من اسرائيل إلى أمريكا، وعاد أكثر وحشية وشراسة ألف ألف مرة.. وهنا عاد الوضع إلى ما كان عليه أول الأمر..
عندئذ اتحد العرب في سابقة تعد الأولى من نوعها.. واشتعلت الحرب العالمية الثالثة مخلفة دمارا وخرابا ساحقا.. تلك الحرب التي نشأت بين أمريكا وحلفائها من جهة، وبين العرب الذين وطدوا علاقتهم ببعض الدول الغربية غير المتعصبة والمتشددة مثل اليابان وروسيا وألمانيا وغيرها من جهة أخرى.. وانتهت تلك الحرب الشاملة في أواخر القرن الثاني والعشرين.. وتغير العالم كثيرا منذ ذلك الحين..وتكونت الدول من جديد.. وبدأت الحضارات تنمو ثانية بعد خراب ودمار ساحق وإشعاعات ذرية ما زلنا نعاني من أهوالها حتى الآن.. وأخيرا أصبح هناك عالم جديد.. عالم آخر يشبه العالم القديم ولكن مع فرقين شاسعين!!
أولهما، أن عالمنا الجديد بلا دولة اسرائيل.. وثانيهما وأكثرهما أهمية، أن عالمنا به دولتنا العربية المتحدة العظمى.. لا أنكر أن أمريكا بدأت تطور حضارتها من جديد.. ولكن هذه المرة الأمر يختلف.. فهي الآن أضعف من السابق بكثير ومهما فعلت ومهما حاولت فنحن الآن بدولتنا العظمى لها بالمرصاد..
وهذا يعني أن العالم سيعيش إلى ما شاء الله في سلام.. على الأقل في هذه الفترة.. السلام الشامل الذي لن يتم محوه إلا إذا ظهر في هذا العالم طاغية جديد.. ذلك الطاغية الذي أتمنى ألا يولد أبدا..
****************************************

أنا شخص بسيط جدا.. ولدت لأبوين من عائلة متوسطة المستوى الاجتماعي، لكني لا أستطيع أن أنكر أنني محظوظ.. يكفي أنني ولدت في هذا العالم، وفي تلك الحقبة من الزمن التي يسودها السلام والحب والطمأنينة.. ولأنه حيثما وُجد السلام وُجد الإبداع، فقد كنت متفوقا في دراستي.. تخصصت في مجال الفيزياء، وحصلت بفضل الله على الماجستير في هذا الفرع من العلم، وأنا الآن أمهد للدكتوراه.. تم اختياري كواحد من مجموعة العلماء الذين يعملون لصالح هذا المركز العلمي التكنولوجي للأبحاث التابع لدولتنا العربية المتحدة العظمى.. وأصارحكم أنني أشعر بالفخر لأنني أحمل هذا المنصب الرائع.. خاصة في مكان تكون اللغة السائدة فيه العلم ولا شيء إلا العلم..
ذلك الجو المليء بالغموض بالأسرار العلمية بين جدران المركز العلمي.. وذلك النهم العلمي الذي يتمتع به كل شخص في هذا المكان مما يذكرني بأمجاد أجدادنا العلماء العرب القدامى أمثال زويل وابن الهيثم وابن حيان والبيروني وابن سينا وغيرهم من العلماء الذين نقشوا اسمهم بحروف من ذهب في أعمق أعماق التاريخ..
كانت الساعة تقارب الخامسة عصرا عندما كنت أسير في طرقات وأروقة المركز العلمي قاصدا التوجه إلى معمل البيولوجيا الرئيسي.. كنت قد أنهيت عملي وأبحاثي لهذا اليوم، ولكني أردت بطبيعتي النهمة الباحثة عن المزيد من العلم أن أضيف إلى خبراتي الفيزيائية بعض الخبرات البيولوجية عندما أقضي بقية اليوم في متابعة بعض أبحاث العالمة البيولوجية الشابة (دعاء عبد العزيز).. أصارحكم أنني معجب جدا بشخصيتها وعقليتها العلمية الفذة.. فعلى الرغم من عمرها الذي لم يتجاوز السادسة والعشرين بعد، إلا أنها أصبحت رئيسا لقسم البيولوجيا في هذا المركز العلمي.. ويعمل الآن تحت قيادتها العديد من علماء وعالمات البيولوجيا، الذين تتجاوز أعمار بعضهم ضعف عمرها..
كلما قضيت داخل معملها المتطور بعض الوقت، كلما خرجت بتجربة مفيدة ومثيرة واستفادة علمية قصوى.. وإنني لأتوق حقا لمعرفة ماذا تفعل الآن؟! أراهنكم أنها تقوم الآن بتجربة جديدة ستذهلني كالعادة..
دارت في رأسي كل تلك الأفكار وأنا أطوي الطريق طيّا إلى معمل الدكتورة دعاء.. أخذت أقطع الطرقات والممرات التي تشع بلون أرجواني هاديء، قبل أن أصل أخيرا إلى المصعد الاسطواني الذي يعمل بتقنية الانتقال الآني(1.. كان معمل الدكتورة دعاء يقع في الطابق رقم 253 من هذه البناية الشاهقة للمركز العلمي التكنولوجي..
وأخيرا فُتح باب المصعد كي أدلف ثم أُغلق ورائي أوتوماتيكيا.. وعندما أصبحت داخله هتفت قائلا: أحمد مصطفي عز الدين. الرقم الكودي (3 أ م 5 ).
لم أكد أتم عبارتي حتى انطلق شعاع ليزر من قمة المصعد ليفحص بصمتي الجينية، وقزحية عيني، ويقارن النتائج بالبيانات المخزنة بالكمبيوتر المركزي لمعمل الأبحاث ليتأكد من هويتي.. وأخيرا انتهت عملية الفحص لينبعث صوت آلي رخيم: تم التحقق من الهوية. إلى أين تريد الذهاب يا دكتور أحمد؟
أجبت على الفور: الطابق رقم 253. معمل رئيس قسم البيولوجيا د. دعاء عبد العزيز.
وهذه المرة انطلق شعاع بنفسجي من قمة المصعد الاسطواني، سرعان ما تضخم ليملأ وينير كل ارجاء المصعد.. أغلقت عيني مجبرا من أثر التوهج الرهيب.. لم أشعر بنفسي بعدها إلا بعدما رأيت أمامي مباشرة معمل البيولوجيا المنشود.. ثانية واحدة فقط كانت هي الفترة الزمنية اللازمة لنقلي مسافة 253 طابق.. تلك هي تقنية الانتقال الآني.. أحد التقنيات العديدة التي يتمتع بها مركزنا العلمي العربي المتطور جدا..
طرقت باب المعمل فلم أحصل على أدنى استجابة.. أزدت من وقع طرقاتي على الباب فلم أحصل على جواب أيضا، فابتسمت في سخرية قائلا لنفسي:
يبدو أنها منهمكة في عملها كالعادة، حتى أنها تكاد لا تعيش في عالمنا من فرط انشغالها.
دفعت الباب ودلفت إلى المعمل.. وكما توقعت تماما، وجدت الدكتورة دعاء تجلس بانهماك شديد أمام شاشة الكمبيوتر المتصل بميكروسكوب ميجا أيوني* فائق التطور تفحص شيئا ما وتتابع الإشارات التي ترتسم على شاشة جهاز الكمبيوتر شديد التطور..
وأخيرا شعرت بي وأنا أخطو داخل الحجرة فالتفتت لي قائلة في حدة:
كيف دخلت إلى هنا؟! ولماذا لم تطرق الباب أولا؟!
تنحنحت في حرج قائلا وأنا أحاول الابتسام:لقد فعلت ذلك بالفعل يا سيدتي.
وصمتُّ للحظة حاولت فيها ابتلاع ريقي، قبل أن أستطرد قائلا:
ولكن يبدو أنك كنت منهمكة في العمل بدرجة كبيرة منعتك من سماع طرقاتي.
قالت في غضب يمتزج بالحزم:
هذا لا يبرر ما قمت بفعله، ولا يعطي لك الحق في اقتحام الحجرة بهذه الطريقة.
احمرّ وجهي خجلا في شدة.. لا أعرف لم شعرت بهذا الشعور، فالمفترض ألا يشعر الرجل مهما كان الموقف بالخجل.. ولكن الأمر يختلف بالنسبة للدكتورة دعاء بشخصيتها القوية.. صحيح أنها تكبرني بعامين فقط، ولكن هيبتها ومركزها في المركز العلمي ومنطقها الصحيح جعل الأمور تختلف تمام الاختلاف، خاصة مع ذلك الاحترام الشديد الذي أكنّه لها.. طأطأت برأسي تجاه الأرض في خجل شديد..
مرت دقيقة كاملة دون أن ينطق أحدنا ببنت شفة.. مرت الدقيقة عليّ كالدهر.. وأخيرا قالت هي في لهجة مرحة محاولة تغيير الموضوع:
على العموم، لقد أتيت في وقتك، فقد كنت على وشك الإرسال لك كي تأتي.
نظرت إلى وجهها مستغربا ومستنكرا، فوجدت ابتسامة ترتسم على وجهها الطفولي الموحي بالملائكية، وعينيها الجميلتين الموحيتين بالتسامح..
تساءلت في دهشة: حقا؟!
أجابتني على الفور: لا أعرف فن المزاح ولا أتقنه، ولم أعتد المنافقة طول حياتي.
قلت وأنا أبتسم محاولا استرجاع أعصابي التي كانت على وشك الانفلات:
حسنا. ها أنا ذا. فيم كنت تريدينني بالضبط؟
غمزت بعينها قائلة في خبث: حاول التخمين.
بدت الحيرة واضحة متجلية على وجهي وأنا أجيب قائلا: تخصصي في هذا المركز العلمي لا يمت بصلة لتخصصك، ولكن استدعائك لي لا يعني سوى شيئين لا ثالث لهما، إما كي أساعدك في تشغيل بعض الأجهزة الفيزيائية التي تساعدك في أبحاثك البيولوجية وإما.............
توقفت عن الكلام فجأة فقالت تستحثني على الاسترسال:وإما ماذا؟
انفرجت أساريري وأنا أتابع:أو أنك تريدينني هنا كي أتابع معك إحدى تجاربك المثيرة.
أشارت بسبابتها قائلة:بالضبط.
وأشارت إلى أحد المقاعد أمام جهاز الكمبيوتر المتطور قائلة:اجلس هناك.
أطعتها في صمت، ثم التفتّ لها متسائلا في لهفة:ما هي هذه التجربة بالضبط؟!
أجابتني قائلة وهي تبتسم:منذ انضمامك لهذا المركز العلمي، وأنت أكثر العلماء هنا نشاطا وحماسا وحبا للعلم، ودائما ما كنت تطلب مني أن أطلعك على كل تجاربي العلمية.
قلت في نفاد صبر ولهفة بلا حدود:أعرف كل هذه المقدمات. ماذا بعد؟
ردت قائلا في سرعة وهي تضحك:مهلا يا عزيزي. يبدو أنك لا تطيق صبرا كعادتك.
وصمتت لوهلة قبل أن ترتسم الجدية على ملامحها وهي تضيف:أقوم في الفترة الحالية بإجراء بعض التجارب على الحيوانات والطيور وحتى الحشرات، أو بمعنى أكثر تخصصا، أجري التجارب على أمخاخها بالتحديد. ماذا تعرف عن المخ البشري؟!
أجبتها قائلا:المخ عبارة عن كتلة من الخلايا العصبية، يتكون من عدة أجزاء رئيسية هي النصفان الكرويان والمخيخ والنخاع المستطيل.
كنت أعرف أن إجابتي تبدو حمقاء بالنسبة لعالمة بيولوجية فذة مثلها، ولكني أعتقد أنها إجابة كافية بالنسبة لعالم فيزياء مثلي لا يعرف شيئا عن عالم الأحياء..
ساد الصمت بعد تعريفي الأحمق للمخ، فأضفت قائلا محاولا أن أظهر وأثبت لها أنني ما زلت أملك قدرا من المعلومات، وأنني لست بهذا الحمق: ويتصل المخ بالحبل الشوكي المسئول عن نقل السيالات العصبية بواسطة فتحة في الجمجمة تسمى.............
قاطعتني قائلة:لا أقصد هذا، وإنما كنت أسألك عن وظائف المخ البشري. ما الذي تعرفه عنها؟!
أجبتها قائلا:المخ هو كمبيوتر الجسد البشري كما يسميه العلماء، فهو الذي ينظم عمليات كل أجهزة الجسم، ولذلك يطلقون كلمة (المركزي) على الجهاز العصبي لأنه مركز كل العمليات داخل جسم الإنسان، فالمخ ينظم الحواس الخمسة من سمع وبصر وشم وتذوق ولمس، بل ويتجاوز ذلك إلى العمليات الحيوية وتنظيم الهرمونات وعمليات أخرى مثل التفكير والذاكرة والفعل المنعكس والنطق والكتابة........إلخ. ويوجد مركز النطق والكتابة في الإنسان العادي الطبيعي في النصف الكروي الأيسر من المخ، أما الإنسان الأعسر الذي يكتب ويستخدم يده اليسرى واللاعب الذي يضرب كرة القدم بقدمه اليسرى، فإن مركز النطق والكتابة لديهما يكون موجودا في الفص الأيمن من المخ. بمعنى أدق نظام العكس بالعكس.
قالت مؤيدة ما أقول:أوجزت فأحسنت بإجابتك المختصرة، وجمعت فيها كل ما هو مفيد. هذا ما أردت أن أسمعه منك بالضبط.
تساءلت في حيرة:وما علاقة هذا الحديث بتجربتك؟
أجابتني قائلة:هذا هو بيت القصيد. أنت تعرف أن الإنسان أكثر تطورا ورقيا من كل الطيور والحيوانات والحشرات ولذلك فالمخ البشري يختلف كثيرا عن أمخاخ الكائنات الحية الأخرى، ولكن ما اكتشفته مؤخرا يقلب كل المقاييس إلى حد رهيب.
سألتها في لهفة:وما الذي قمت باكتشافه؟
صمتت لوهلة كادت فيها أعصابي تحترق، قبل أن تجيب قائلة:بعد شهور طويلة من البحث والدراسة تبيّن لي أن الإشارات التي يطلقها مخ كائنات المملكة الحيوانية هي نفس الإشارات المنبعثة عن مخ الإنسان.
تساءلت في حيرة:وما الذي يعنيه هذا بالضبط في رأيك؟
أجابت:قد يعني الكثير، وقد لا يعني شيئا على الإطلاق. قد يكون ذلك التشابه في الإشارات هو تشابه شكلي فقط في شكل الإشارات وحجمها وترددها وطولها الموجي، ولكن يختلف في المضمون تماما؛ وقد يكون التشابه شكلا ومضمونا، وبذلك سيختلف الأمر تماما، لأنه بذلك نكون قد أثبتنا أن الحيوان يفكر كالإنسان، بل وربما يتفوق عليه أحيانا. بمعنى أدق نكون قد أثبتنا أن الإنسان والحيوان على نفس الدرجة من الرقي.. على الأقل من ناحية تركيب المخ.
قلت في حزم وحسم:هذا مستحيل. الله سبحانه كرّم البشر وجعلهم في المرتبة العليا على أرضه وبين مخلوقاته التي تسبّح جميعا بحمده.
قالت مستدركة:كنت أقصد نفس قدرة الرقي من ناحية تركيب المخ وإشاراته فقط كما قلت من قبل. لا أقصد مثلا أن تسيطر الحيوانات على البشر. سيبقى البشر أكثر رقيا من الناحية الجسدية والتناسق العام، ومن حيث أجهزة الجسم الأخرى. ولكني فقط أردت أن أقول أنه من الممكن أن تبلغ بالحيوانات القدرة على التفكير والسلوك مثل البشر. مثلا أن تحارب المملكة الحيوانية بعضها.. أن تفكر بطريقة علمية واقتصادية واستيراتيجية وحربية.. أن تقوم بتكوين عالم خاص لها على الأرض.. أن تحاول حماية نفسها من البشر. طبعا لن تبلغ قدرتهم على التفكير الدرجة التي وصل إليها تفكير البشر، ولكني أتحدث هنا عن محاولتهم لمجاراة البشر من حيث التفكير.. تلك المحاولة التي ستبوء بالفشل في كل الأحيان، لأن الإنسان سيظل باذن الله سيد مخلوقات الله على الأرض. هل تفهم ما أعنيه؟
أومأت برأسي إيجابا، ثم تساءلت قائلا:وكيف يمكننا إثبات نظريتك هذه التي تشير إلى تلك المحاولة الفاشلة للمملكة الحيوانية في مجاراة البشر من حيث التفكير؟!
قالت مباشرة وكأن الإجابة كانت جاهزة على طرف لسانها:
هل سمعت من قبل عن قراءة الأفكار أو التخاطر العقلي أو حتى التليباثيTelepathy *؟!
أجبتها قائلا وقد بدأت أفهم ما تقصده:
بالتأكيد. سمعت عنها كثيرا، بل إنني قمت بالعديد من الأبحاث في هذا المجال أيضا.
قالت في حماس:
عظيم!! هذا يعني أنك ستفهم وتستوعب التجربة التي سنقوم بها سريعا. لقد قمت مؤخرا بتصميم برنامج كمبيوتر خاص يمكنه ترجمة الإشارات المخية التي تنبعث عن المخ اثناء تفكير الكائن في شيء، إلى حديث يوضح فيم يفكر الكائن في نفس اللحظة. يقوم هذا البرنامج بالتقاط الإشارات المخية وتحديد شكلها وطولها الموجي في محاولة لترجمتها وتحديد فحوى الإشارات، وبذلك نستطيع أن نعرف كيف وفيم يفكر الكائن الحي.
وصمتت لوهلة وتألقت عيناها المشرقتان، قبل أن تضيف وكأنها تلقي قنبلة من العيار الثقيل:
سنعرف لغة الحيوانات.
قلت في انبهار شديد:يا إلهي!! هل يمكن ان يحدث شيء كهذا؟!
قالت في حماس شديد:دعنا نجرب.
وأمسكت بخوذة تشبه الهيدفون، ولكنها تمتليء بالأسلاك المعقدة، ووضعتها على رأسي قائلة:ارتد هذه.
عدّلت من وضع الخوذة على راسي وأنا أقول:حسنا. ماذا بعد؟
اعتدلت في مقعدها وبدأت تشرح لي قائلة: هذه الخوذة تقوم بتحويل ترجمة فحوى الإشارة المخية الحيوانية الناتجة بواسطة برنامج الكمبيوتر الذي حدثتك عنه من قبل إلى إشارات مخية مرة أخرى.
وصمتت لوهلة قبل أن تستطرد: إشارات مخية بشرية هذه المرة، حتى يستطيع المخ البشري استيعابها.
طبيعتي العلمية جعلتني أستوعب الموقف بسرعة فقلت في حماس: هذا رائع!! هذا يعني أن أفكار حيوانات التجارب ستنتقل إلى عقلي مباشرة خلال هذه الأجهزة المعقدة التي تقوم بدور الوسيط فحسب بيني وبين لغة الحيوان.
قالت في حزم: هذا ما سيحدث بالضبط. كل ما ستفعله هذه الأجهزة بالاستعانة بالكمبيوتر، هو أنها ستستقبل الإشارات المخية الحيوانية، فيقوم البرنامج بترجمتها، ثم تقوم الخوذة بدورها بتحويل الترجمة إلى إشارات مخية بشرية. بمعنى أدق ستنساب الأفكار إلى مخك مباشرة وكأنك تفهم لغة الحيوانات والمخلوقات الدنيا.
هتفت في لهفة:
حسنا، دعينا نبدأ من فضلك.
تألقت عيناها في جزل، وهي سعيدة بلهفتي الفضولية القاتلة التي ظهرت على كل قسمات وجهي: هناك شيء أخير أود قوله. لقد قمت بتسجيل بعض الإشارات المخية على جهاز الكمبيوتر، وهي التي سأقوم بعرضها عليك الآن. هذا يعني أننا لسنا في حاجة إلى إحضار الحيوانات إلى المعمل كي نعرف فيم تفكر، وبواسطة الذاكرة التراكمية الوراثية*، سنستطيع معرفة تاريخ تلك الحيوانات وتاريخ أجدادها أيضا ومعرفة كيف كانوا يفكرون.
تصبّب العرق البارد على وجهي من شدة لهفتي وإثارتي.. ما الذي تفعله بي تلك الفتاة بالضبط؟! لماذا تعذبني؟! هل تريد قتلي فضولا وتشويقا؟!!
كدت أسألها عن السبب الذي يدفعها إلى إثارة تشويقي وفضولي إلى هذا الحد الرهيب.. كدت أنفجر في وجهها صارخا.. لكني تمالكت نفسي في اللحظة الأخيرة، في حين استطردت هي قائلة: أراهن أنك ستشعر بنفس الشعور الذي شعرت به وأنا أمر بهذه التجربة.
عقدت حاجبيّ متسائلا: وما هو هذا الشعور بالضبط؟!
نظرت إلى عيني مباشرة وهي تقول في حزم: الذهول.
ابتلعت ريقي في صعوبة وأنا أقول: حسنا. دعينا نر هل سأتأثر بالتجربة مثلك أم لا؟! أم أنك مرهفة الحس وسريعة التأثر؟!
ضحكت قائلة في مرح يمتزج بالسخرية:
حسنا أيها المتحذلق.
واندفعت أصابعها تجري على لوحة مفاتيح الكمبيوتر في مهارة قبل أن تضغط زرا أخيرا وهي تضيف: دعنا نبدأ التجربة.

*الانتقال الآني هو تقنية تكنولوجية تعتبر حلم العلماء منذ عشرات السنين؛ وهي تكنولوجيا تسمح بتحويل الأجسام إلى ذرات مفككة يمكنها السير بسرعة الضوء تقريبا مما يتيح لهذه الأجسام أن تصل بسرعة آنية أو لحظية إلى أي مكان تريد. لم يتم تجربة هذه التقنية على الإنسان حتى الآن، ولكنها متواجدة بالفعل الآن في معامل بعض الدول المتقدمة ولكن لم يتم تجربتها سوى على الجماد وتمت التجارب من هذا الطراز بنجاح ساحق.
* لا يوجد شيء يسمى بالميكروسكوب الأيوني حاليا، لأن أكثر أنواع التكنولجيا تطورا حتى الآن هي المكرسكوب الإلكتروني، ولكن العمل يجري حاليا على قدم وساق لتصنيع الميكروسكوب الأيوني، أما كلمة ميجا أيوني فتعني الميكروسكوب الأيوني المطور مليون مرة لأن كلمة ميجا تعني مليون.
* التخاطر أو قراءة الأفكار أو التليباثيtelepathy: هي قدرات عقلية فائقة يتمتع بها بعض البشر خاصة كهنة الهنود والتبت والبراهما. الاسم العلمي لهذا النوع من البشر ذوي الإدراق فائق الحس هو ESPER أو الإسبر وهذا المصطلح هو اختصار لعبارة الإدارك فائق الحس بالإنجليزيةExtra-Sensory Perception وتم إضافة er للدلالة على الشخص.
* الذاكرة التراكمية الوراثية: هي تلك الذاكرة الموجودة في العقل الباطنsubconscious لدى كل البشر والكائنات الحية والتي يرثها الكائن الحي عن والديه، والتي تعتبر السبب الرئيسي لاستيعاب الإنسان لغته الأم في وقت قياسي، فسرعان ما نجد الطفل اكتسب كل مهارات لغته الأساسية في عام واحد فقط على الرغم من أن عقله لم يبلغ النضج الكافي الذي يمكنه من دراسة أي لغة وعلى الرغم من عدم بذله أي مجهود يذكر في محاولة لاكتسساب اللغة، وعلى الرغم من عدم مروره بدراسة منظمة لتلك اللغة. تعتبر الذاكرة التراكمية الوراثية سببا رئيسيا أيضا لذلك الإحساس المفاجيء الذي يحس به بعض البشر الذين أحيانا ما يحسون عندما يمرون بموقف جديد بأنه واجه هذا الموقف من قبل على الرغم من أنه في الواقع لم يمر عليه من قبل على الإطلاق؛ وهي أيضا لها فوائد أخرى كثيرة غير سرعة اكتساب اللغة الأم مثل سرعة تعود الطفل على والديه، وذلك الدفء والإطمئنان اللذين يحس بهما الطفل تجاه أمه.....الخ.

***************************************

شعور غريب ذلك الذي شعرت به.. صداع خفيف أصاب رأسي.. ومئات الصور اندفعت إلى عقلي في لحظة واحدة بعد ضغطة الدكتورة دعاء على الزر الأخير.. مشاهد غريبة شاهدتها.. أصوات كثيرة سمعتها.. مشاهد عدة رأيتها.. امتزجت المشاهد والصور والأصوات ببعضها.. فحيح الأفاعي وزئير الأسود وزمجرة النمور ومواء القطط ووقع الأقدام الضخمة للأفيال.. رأيت صورا لفأر مذعور يهرب من قط شرس.. وصقر جائع هائم يفترس دجاجة لا حول لها ولا قوة.. رأيت الكثير وسمعت أكثر..
لن أطيل عليكم.. فقط أردت أن أصف لكم الموقف الذي كنت أمر به في هذه التجربة.. ذلك الموقف الذي يعجز أي قلم عن وصفه.. ويعجز أي فنان عن رسمه.. ويعجز أي كاتب موهوب عن كتابته وتصويره بقلمه.. بل ويعجز أي عقل عن تصوره.. وأخيرا هدأ مزيج المشاهد والصور ليندفع بعدها سيل من الأفكار والأحاديث إلى عقلي.. دعونا نتابع سويا أكثر ما لفت نظري من مشاهد ومواقف في هذه التجربة التخاطرية العقلية، قبل أن نعود لنسرد بقية قصة تجربتي في معمل الدكتورة دعاء.. نعم فالمغامرة لم تنته بعد.

الجزء الثاني


الزمان:القرن الحادي والعشرين في شهر ديسمبر من عام 2004.
المكان: البلاط الملكي لقصر ملك امبراطورية اندونيسيا العظمى للدجاج.
انحنى الجنرال الأعظم (مانو-ديك) قائد جيوش الديوك المحاربة لامبراطورية اندونيسيا العظمى للدجاج أمام امبراطور الدجاج في اندونيسيا قائلا في احترام بالغ:أوامرك سيدي الامبراطور.
قال الامبراطور في صرامة:لقد قمت باستدعائك من أجل المهزلة التي سمعت بها عن أحد قواد جيشك، الجنرال (فوجو-ديك). هل تدرك تلك العواقب المخيفة التي من الممكن أن تنتج عن تمرد أحد الجنرالات في الجيش الامبراطوري؟!
أجاب مانو-ديك امبراطوره قائلا في حزم:معذرة يا سيدي، ولكنك تدرك جيدا أن فوجو-ديك استخدم منطقا قويا في الدعاية لمذهبه الجديد؛ ألا وهو مذهب التحرر من البشر وسيطرتهم وذبحهم لنا كل يوم من أجل طعامهم وشرابهم من اللحوم الداجنية والحساء؛ ذلك المذهب الذي راق كثيرا لكل سكان امبراطوريتنا من ديوك ودجاج، بل وراق أيضا لبعض قيادات الجيش التي ترى أننا لا يجب أن نعيش مع البشر في مكان واحد؛ إنهم يرون أننا يجب علينا أن نبني حضارتنا بأنفسنا مثل البشر وألا نخفي تلك الحضارة مثلما نفعل الآن.
تقافز الشرر من عيني الامبراطور وبدا مغتاظا للغاية وهو يقول: تبا!! ألا يعرف هذا المخبول أن حياتنا وسط البشر وخضوعنا لهم قدر مكتوب علينا، وفريضة الله سبحانه وتعالى على كل أمثالنا من الحيوانات الأقل تطورا من الانسان؟! إنه بذلك يخالف تقاليد وأعراف ديننا الأعظم.
وصمت لحظة قبل أن يضيف في حنق: بل يخالف ايضا قوانين دولتنا الإمبراطورية، ويضعنا في موقف لا نُحسد عليه أمام إمبراطوريات الدجاج الأخرى في العالم، التي كانت تعتبرنا أكبر وأقوى امبراطورية دجاج على وجه الأرض. الآن سيسخرون منا لأننا لا نستطيع قمع تمرد أحد قوادنا في الجيش.
طأطأ مانو-ديك برأسه في حسرة وهو يقول:
هذا صحيح يا مولاي. لقد استخدم منطقا مقنعا استطاع به التأثير به على عقول رعايا الامبراطورية. إنهم الآن يؤيدونه، ويرفضون أي محاولة لإقناعهم بأن ما يفعلونه خطأ جسيم قد يؤدي إلى نتائج رهيبة.
ثم رفع رأسه محاولا السيطرة على مشاعره وهو يقول:
لسان حالهم يقول: لقد عشنا طويلا في الظل ونخفي حضارتنا وإمبراطوريتنا عن البشر. لقد عشنا إلى جانب البشر ما يعادل آلاف السنين، وعلى الرغم من ذلك فالبشر لا يعرفون شيئا عن حضارتنا وطريقتنا في الحياة. إنهم ما زالوا يعتقدون أننا مجرد حيوانات بدائية التفكير، فقط لأننا نخضع لهم ونجعلهم يسخرون منا ويستخفون بحياتنا وأرواحنا عندما يقومون بذبحنا لطعامهم وشرابهم.
قال الامبراطور في صرامة مخيفة:
أراك أصبحت تتكلم مثل الجنرال فوجوديك يا مانو-ديك. هل آمنت بمذهبه الجديد؟!
بدا الذعر واضحا متجليا على مانو-ديك الذي أجاب قائلا في رعب:
لا يا سيدي. صدقني لم أكن أقصد ذلك أبدا. فقط كنت أطرح عليك وجهة نظره، وأسباب التأييد لمذهبه في كل أنحاء امبراطوريتنا، ولكني أعرف جيدا أن هذه رسالتنا في الحياة كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بالخضوع للبشر دون تذمر.
وصمت لوهلة قبل أن يتابع:
لكني بالرغم من كل شيء سأبذل روحي وحياتي لو لزم الأمر من أجل منع وقمع بوادر هذا التمرد في جيش امبراطوريتنا.
انفجر الامبراطور في وجهه قائلا في سخط بالغ:
تتحدث عن التمرد وكأنه شيء عادي. ألا تدرك أننا أقوى امبراطورية دجاج في العالم؟! ألا تتصور كم سيضعف ذلك التمرد لو نجح من هيبتنا وسطوتنا؟!
ارتجف مانوديك وهو يجيب:
بل أدركه يا سيدي وأعرف عواقبه تمام المعرفة. اطمئن يا مولاي. سنبذل قصارى جهدنا، وأعدك أننا سننتصر في النهاية.
نظر له الامبراطور نظرة نارية وهو يقول:
هذا ما أتوقعه منك.
وتابع في صوت مخيف:
وإلا فإنك تعرف ماذا سيكون مصيرك.
ارتجف مانوديك وهو يقول في ذعر:
بالتأكيد يا مولاي. بالتأكيد.
ساد الصمت لدقيقة كاملة، قبل أن يحاول مانوديك تغيير الموضوع قائلا في حذر:
ألن تستمع للمعلومات الجديدة الواردة إلينا يا سيدي؟
نجحت محاولة مانوديك في جذب انتباه الامبراطور الذي قال في اهتمام:
قل ما لديك يا مانوديك، فكلي آذان مصغية.
ابتلع مانوديك ريقه في توتر، قبل أن يبدأ حديثه قائلا:
بواسطة بعض مصادرنا الإخبارية تمكنا من معرفة الطريقة التي ينوي بها فوجوديك تنفيذ مخططه للهروب من سيطرة البشر.
تساءل الامبراطور: وما هي تلك الوسيلة بالضبط؟
أجاب مانوديك قائلا:
استطاع المتمردون بقيادة فوجوديك من أن يحصلوا على أحد السفن الفضائية المتطورة، وواحد من أخطر أسلحتنا البيولوجية من أحد معاملنا التكنولوجية التي نخفيها عن البشر في أعماق الأرض.
تقافز شرر الغضب من عين الامبراطور وهو يتساءل بدهشة تمتزج بالسخط:
وماذا ينوي أن يفعل هذا الحقير؟!
تردد مانوديك وتلعثم قائلا:
لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يخطط له بالضبط في ظل هذه الظروف بالغة التعقيد، ولكن علماءنا درسوا الأمر بإمعان ووضع أحدهم بعض الافتراضات ال....................
قاطعه الامبراطور في نفاد صبر ملول:
اختصر كلماتك ودعك من المقدمات السخيفة. ما المحصلة النهائية لتوقعاتهم وافتراضاتهم؟
ابتلع مانوديك لعابه في صعوبة، ثم استطرد في تردد حذر:
معذرة يا سيدي، ولكن النتائج سيئة للغاية.
انفجر الامبراطور في وجهه صارخا:
أفصح دون تعليق يا رجل. أنا من يقرر بحسن أو سوء النتائج يا هذا.
طأطأ مانوديك برأسه ذات العرف الأحمر وهو يتابع:
يؤسفني أن أخبرك يا مولاي أنه بعد دراسات علمائنا المكثفة والدقيقة والحاسمة، تم التوصل إلى أن فوجوديك ينوي تهريب رعايا الامبراطورية الذين آمنوا بمذهبه الجديد إلى كوكب آخر بعيد عن سلطة البشر.
استمع له الامبراطور وعقله يغلي من فرط الغضب قبل أن يغمغم مانوديك مطرقا بعدما رآه من غضب الامبراطور وصمته:
صدقني يا سيدي. لم يحصل فوجوديك على كل هذه الإمكانيات إلا بسبب سطوة وإمكانيات منصبه الكبير.
ثم تابع قائلا محاولا استجماع شجاعته:
وتذكر يا مولاي أنك أنت من اخترته لهذا المنصب الكبير في امبراطوريتنا العظمى.
نظر له الامبراطور نظرة نارية، قبل أن يقول مبررا:
فوجوديك قائد فذ يا رجل. أعلم أنه تخطى الحدود بمذهبه الجديد، وبذلك التمرد الذي أشعل به فتيل الحرب بيننا وبينه، لكنه بالرغم من كل شيء يبقى مقاتلا عظيما لا يمكن الاستهانة أبدا بكفاءته القتالية والاستراتيجية والحربية.
ثم استطرد في مرارة متحسرة:
لقد كان هذا هو سبب اختياري له كجنرال في جيش امبراطوريتنا العظمى.
ساد الصمت لوهلة قبل أن يقول الامبراطور:
حسنا يا مانوديك. اذهب الآن لمراجعة الأمور وآخر الأخبار الواردة.
ثم استطرد في صرامة شديدة:
اريد تقريرا دقيقا متكاملا بعد أقل من ساعتين.
حاول مانوديك ان يعترض بأنه متعب وبحاجة إلى النوم بعد ثلاثة أيام من العمل المتواصل، إلا أن الامبراطور لم يمهله، بل أشار بيده إشارة حازمة حاسمة صريحة وواضحة تأمر بانصراف مانوديك على الفور، فأذعن هذا الأخير للأمر مستسلما..
غادر القاعة الملكية التي لم تكن إلا مجرد عشّة دجاج كبيرة يمتلكها أحد فلاحي تلك القرية النائية على حدود اندونيسيا..
بعد انصراف مانوديك مباشرة، دخل ذلك الفلاح الاندونيسي الرث الهيئة إلى العشة وصاح غاضبا بزوجته:
ألم أحذرك من قبل وأنبهك إلى ضرورة الانتباه لذلك الديك الذي يخرج كل يوم من القفص تحت سمعك وبصرك؟! كم مرة كررت لك فيها أن هذا الديك بالذات ديك رومي نادر باهظ الثمن سيجلب لنا ثروة عند بيعه.
كان يقصد بحديثه امبراطور الدجاج الأعظم الذي انكمش في ركن العشة متهيبا مذعورا.. كان رعبه وذعره يفوقان الحدود، حتى أنه لا يمكنك أن تتصور أبدا أنه كان منذ قليل شامخا صارما مسيطرا مع قائد جيوشه مانوديك الذي خرج لتوه..
دلفت امرأة الفلاح إلى العشة قائلة بصوتها الخشن الفظ:
وكم مرة كررت لك فيها أنني لا أعرف كيف يخرج ذلك اللعين من قفصه؟!
زمجر الفلاح قائلا:
حسنا حسنا. سأعمل على عدم خروجه ثانية من مكانه.
انكمش الامبراطور في مكانه أكثر متوقعا الأسوأ وأغمض عينيه في ذعر رهيب، قبل أن يشعر بيد الفلاح الغليظة تحمله من على الأرض وترمي به في قسوة إلى داخل القفص..
وبينما يغلي الامبراطور من الغضب والمهانة، خرج الفلاح الفظ في لا مبالاة..
وبعدما استجمع الامبراطور أعصابه أخذ يفكر في حجم المأزق الذي تتعرض له امبراطوريته التي اشتعلت في أرجائها الحرب بين جيش امبراطوريته والمنشقين بقيادة فوجوديك..
تلك الحرب اللاهبة التي ستغير تاريخ العالم أجمع

*********************

تدافعت الأفكار في رأسي وكأنها بحر متلاطم الأمواج.. فكرة وراء فكرة كموجات بحر هائج تندفع أمواجه موجة وراء موجة لتنكسر بعدها على صخور شاطيء الأفكار.. وعندها أخذت أتساءل: متى يأتي الوقت التي تنكسر فيه آخر الأمواج؟! متى ينتهي تدافع الأفكار لأعود إلى وعيي؟!
ما كان يحيرني وقتها هو تسارع الأفكار بعد أن كانت تنهمر على عقلي ببطء وكأنها شلال مياه هاديء ..
أما الآن فبدأت الأفكار تتسارع لتتسارع معها الأحداث التي كنت أعيشها وكأنني أحد أبطالها..
رأيت مشاهد عدة لحرب طاحنة في امبراطورية الدجاج.. رأيت تهديدات فوجوديك لجيش الامبراطورية بأن يستخدم ذلك السلاح البيولوجي الذي سرقه من المعامل التكنولوجية..
عندها تعقد الأمر تماما وبدا للجميع أن انتصار فوجوديك قادم لا محالة..
وفي نفس اللحظة التي كان يعد فيها فوجوديك السفينة الفضائية لتهريب رعايا الامبراطورية الذين آمنوا بمذهبه الجديد، كان مانوديك وفرقته الانتحارية الخاصة قد استولوا على السلاح البيولوجي الذي سرقه فوجوديك في مبادرة انتحارية مدهشة..
ذلك السلاح البيولوجي الذي اتضح فيما بعد أنه يحتوي على فيروس H5N1 الرهيب الذي يسبب أنفلونزا قاتلة لكل من تصيبه العدوى..
وبتخطيط فائق العبقرية تمكنت كتائب الامبراطورية من مهاجمة مقر قلعة فوجوديك وتدمير سفينته الفضائية في آخر لحظة كانت تستعد فيها للانطلاق..
ولكن الأمر لم يكن أبدا بتلك السهولة التي تصورها مانوديك على الرغم من تخطيطه المحكم الذكي وقيادته البارعة لجيوش الامبراطورية، فلقد جن جنون فوجوديك عندما فقد آخر أسلحته الخطيرة، خاصة بعد اكتشافه أن قلعته السرية على وشك السقوط أمام جحافل جيش الامبراطورية؛ ليتم اعتقاله ويواجه بعدها مصيرا أبشع مما تخيله بما يليق بوغد مثله، فقرر أن يستخدم ورقته الأخيرة..
ولم تكن تلك الورقة الأخيرة سوى جهاز تحكم عن بعد استطاع به أن يشعل فتيل السلاح البيولوجي الذي سيطر عليه مانوديك بالفعل..
فالمنشقين لم يكتفوا فقط بسرقة السلاح البيولوجي، بل تمكنوا من تطويره ليضمنوا السيطرة عليه حتى لو استرده جيش الامبراطورية فيما بعد..
كان يعرف أن قرار إطلاق السلاح البيولوجي لن يدمر الامبراطورية فقط، فالضر سيمسه لا محالة، ولكنه لم يكن ليخسر شيئا.. فهو سيخسر معركته في كل الأحوال.
*********************
في وسط المعمعة، وبينما كان مانوديك يحث الخطى مسرعا إلى قصر الامبراطور ليخبره بآخر التطورات، تلقى ذلك الاتصال من أحد قواده الذي هتف قائلا في لوعة وذعر شديدين:
سيدي! هناك أخبار سيئة للغاية!
توقف مانوديك في طريقه وقال في اهتمام قلق:
ماذا هناك يا (سامو_ديك)؟
أجابه ذلك الأخير قائلا في رعب:
أحد علمائنا في المعمل البيولوجي يشير إلى أن سلاحنا البيولوجي رقم (X-7) قد بدأ العد التنازلي لإطلاقه أوتوماتيكيا دون تدخل منا. سينتهي العد التنازلي بعد 23 دقيقة فقط منذ هذه اللحظة.
شهق مانوديك في رعب وهو يقول:
يا إلهي!!
كان يدرك بذكائه المعهود الآن أبعاد الموقف، ويعرف تمام المعرفة أن فوجوديك هو المسئول عن ذلك بطريقة أو بأخرى..
وكقائد شجاع لا تفت في عضده المصاعب والأهوال، سيطر على أعصابه وهتف في لهجة آمرة صارمة:
لا تتخذ أي إجراءات يا ساموديك. اذهب إلى المعمل البيولوجي الآن وسأقابلك هناك.
وأنهى الاتصال مباشرة وهو يهرول إلى مركبته الخاصة، لاغيا من عقله فكرة إخبار الامبراطور بالتطورات، فلا وقت لذلك لديه..
وبعد أحد عشرة دقيقة بالضبط كان يقف عند أبواب المعمل البيولوجي ويجري إجراءات السماح بالدخول..
وبمرور دقيقتين أخرتين، كان يهتف برئيس طاقم العلماء قائلا في حزم:
أما من وسيلة لإيقاف ذلك السلاح اللعين؟!
طأطأ رئيس طاقم العلماء برأسه ذات العرف الكبير في أسف وهو يقول:
للأسف لا توجد وسيلة واحدة يا سيدي، فالأمر خارج نطاق تحكمنا هذه المرة. هناك قوة مجهولة تسيطر على وحدة التحكم الخاصة بالإطلاق.
ولأول مرة في حياته يشعر مانوديك بمرارة الهزيمة.. فقد كان قائدا ومقاتلا محنكا وخبيرا، سجله حافل بالانتصارات التي لم تحو هزيمة واحدة في أية معركة حربية خاضها مهما كانت دقتها وتعقيدها وصعوبتها..
نظر إلى ساعته الدقيقة الملتصقة بقدمه في توتر شديد، فوجد أنه بقي من الوقت ما يقل عن ثمان دقائق..
أقل من ثمان دقائق فقط قبل النهاية الحاسمة..
بعدها سينتشر فيروس H5N1 في سماء الامبراطورية.. ولن يمر بعدها أكثر من يومين قبل أن تفنى الامبراطورية كلها بداء الانفلونزا القاتلة.. ومن بعدها تأتي نهاية العالم أجمع..
لا!! لن يسمح بذلك أبدا!! بالتأكيد هناك حل!!
نظر إلى رئيس طاقم العلماء قائلا في صرامة:
ابدأ في اتخاذ الإجراءات لعزل قنبلة قنينة الفيروس بما يكفي لتقليل قوة وسرعة انتشار الفيروس فورا وحالا.
وعلى الفور بدأ العالم الإجراءات، وعندما انتهى واجه مانوديك قائلا في خيبة أمل واضحة:
لقد انتهيت يا سيدي. ولكن لن يفيد ذلك بشيء. سينتشر الفيروس لا محالة. نعم سيقلل ما نفعله من قابلية وسرعة انتشاره ولكن لن يبطل مفعوله بالكامل.
وتساءل ساموديك في دهشة ممتزجة بالفضول:
ما الذي تنوي فعله بالضبط؟
انتزع مانوديك قنبلة قنينة الفيروس المعزولة جزئيا، والتي ارتسم على شاشتها ما يشير إلى تبقي ثلاث دقائق على انتهاء العد التنازلي في صمت، ولم ينطق ببنت شفة..
لم يجب على تساؤل ساموديك..
فقط انطلق بمركبته من جديد، فعقله كان يحمل فكرة أخرى لتحجيم الفيروس أكثر وأكثر، ولكنه لم يكن يملك الوقت الكافي للإجابة على تساؤل قائده الفذ ساموديك..
هي فكرة انتحارية جنونية إلى أقصى حد، ولكنها للأسف الحل الوحيد.
*********************


لحسن الحظ كان المعمل البيولوجي في مكان منعزل جزئيا مما سمح لمانوديك أن يصل في خلال أقل من دقيقة إلى ذلك المكان المنعزل والمهجور تماما..
ترجل من مركبته وهو يهرول وينظر إلى الأرض الممتدة أمامه في توتر شديد وكأنه يبحث عن شيء ما..
وأخيرا توقف بصره عند غطاء تلك البالوعة، فتنهد في ارتياح وهو يخرج جهازا خاصا استطاع به رفع الغطاء في سهولة، ثم قفز حاملا القنينة بلا تردد..
كانت الصدمة عنيفة للغاية عندما ارتطم جسده بالأرض في قوة وهو يحاول حماية القنينة بجسده..
كان يعلم أنها النهاية هذه المرة، فهو يعلم جيدا أنه لن يستطيع الرجوع من حيث أتى أبدا..
ولكنه كان يدرك تماما أن موته سيكون ذا فائدة بالرغم من كل شيء..
أخرج جهازا متطورا آخر من جيبه وقام باستخدامه،فاندفع غطاء البالوعة بأعلى ليغلق البالوعة ليسود ظلام تام..
بعدها تحامل على نفسه في تهالك حاملا القنينة وهو يسير في دياجير ذلك النفق المظلم أسفل البالوعة عالما أن النهاية آتية بعد أقل من دقيقة واحدة..
أخذ يسير ويسير محاولا الابتعاد بأقصى قدر ممكن عن فتحة البالوعة في محاولة أخيرة لتقليص أثر الفيروس أكثر وأكثر..
تسع ثوان..
ثمانية..
سبعة..
ستة..
خمسة..
أربعة..
ثلاثة..
اثنان..
ثانية واحدة..
وأخيرا دوى ذلك الانفجار، الذي على الرغم من عدم قوته الكبيرة، إلا أنه كان كفيلا بتحويل جسد ديك عبقري هزيل مثل مانوديك إلى أشلاء مفرقة، لتنتهي حياة ذلك البطل الذي ضحى بحياته من أجل الأرض..
ومن أجل الحياة المفعمة بالأمل.
*********************





الزمان: بعد مرور يومين على تلك الأحداث العنيفة.
المكان: القصر الامبراطوري لامبراطورية الدجاج العظمى بأندونيسييا.
الحدث: حفل تنصيب قائد جيوش الديوك المحاربة الجديد.

انهمرت الدموع من عين ساموديك وهو يلقي بكلمته ويقص لشعبه البطولة النادرة التي قام بها مانوديك..
قص عليهم كل التفاصيل، مبينا المعاناة التي عاشها الجيش الامبراطوري بقيادة مانوديك في الفترة الأخيرة قبل أن يتحقق النصر الكامل للقوات الامبراطورية، والذي على إثره تم اعتقال فوجوديك تمهيدا لإعدامه..
أنهى ساموديك الخطبة قائلا محاولا السيطرة على انفعالاته الجياشة:
الإخوة المواطنون. أعدكم أن أكون خير خليفة لهذا البطل العظيم، وأن نعمل جميعا لصالح امبراطوريتنا العظمى في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخنا. لقد أكد العلماء على أننا تمكنّا بفضل الله من تحجيم الفيروس القاتل خاصة بعد تلك التضحية العظيمة من الجنرال مانوديك. ولكنهم ما زالوا يصرون أن الخطر، ما زال قائما لذا أرجو منكم جميعا توخي الحذر الشديد واتباع بعض الإجراءات الوقائية الطبية.
والتقط نفسا عميقا قبل أن يتابع في حماسة:
سنعمل ونقاتل ونجاهد حتى يزول الخطر بإذن الله. معا سنعمل جميعا من أجل مستقبل أفضل.
*********************
أخيرا عدت إلى وعيي..
كانت دكتورة دعاء تراقبني في اهتمام في حين بدت الصور أمامي مشوشة حتى أنني لا أكاد أراها..
أمسكت برأسي التي أصابها صداع خفيف، وهتفت في إرهاق:
يا إلهي!!
ساعدتني على النهوض وأجلستني على أحد المقاعد قائلة وهي تقدم لي كوب مملوء بعصير الليمون المثلج في محاولة لإنعاشي:
والآن قل لي رأيك بصراحة. لقد عرضت هذه التسجيلات التي أطلعتك عليها لإشارات المخ على نفسي من قبل وكونت عنها انطباعا خاصا، ولا أعرف هل سيتوافق انطباعي مع انطباعك أم لا.
تساءلت في اهتمام ،وأنا أسترد قوتي وطاقتي ببطء، بعد ان بدأت أسترخي:
هل يمكن أن يكون ذلك حقيقيا؟!
قالت وهي ترشف من فنجان القهوة الذي أعدته لنفسها:
طبقا لما توضحه أبحاثي يُفترض أن كل تفصيلة مررت بها حدثت فعلا.
وصمتت لوهلة قبل أن تردف قائلة:
كما أن الأحداث تبدو منطقية ومترابطة إلى حد كبير.
ونهضت لتحضر آرشيفا كبيرا وتصفحته في إمعان قبل أن تشير إلى أحد صفحات الآرشيف بسبابتها قائلة:
هذا يثبت ما نحن بصدده أكثر.
نهضت في فضول، لأطّلع على الآرشيف الذي لم يكن إلا آرشيف تاريخي ضخم..
نظرت إلى ما تشير إليه سبابتها في ذهول..
فبالخط العريض تم كتابة هذا العنوان:
عام 2005 م: فيروس غامض يصيب الدجاج في اندونيسيا قبل أن ينتشر في كل أنحاء العالم مسببا خسارة رهيبة في الثروة الداجنة، وأيضا البشر الذين التقطوا العدوى القاتلة...............................الخ الخ
وفي نهاية الصفحة أجد ذلك المقال القصير الذي يتحدث عن الاسم العلمي للفيروس وهو H5N1 والمسمى بانفلونزا الطيور لدى العامة وغير المتخصصين، وعن اكتشاف مضاد للفيروس anti-virus عام 2008 ...إلخ
أخذت أحدق في الأرشيف بذهول شديد لا أكاد أصدق ما أراه، فأخرجتني الدكتورة دعاء من بوتقة الذهول متسائلة:
لم تقل لي رأيك يا د. أحمد!!
حككت ذقني بسببابتي وأنا أقول:
إذن كان هناك فيروس بالفعل أصاب الدجاج في العام 2005 . هذا يعني أن ما مررت به من تخاطرات عقلية كان حقيقيا، كما أنه يفسر كل شيء.
وصمت للحظة قبل أن أنظر إلى عينيها قائلا:
يفسر سر ذلك الوباء الغامض، ويفسر أيضا لماذا بدأ الوباء من أندونيسيا في ذلك العام؛ فقد كان هذا طبيعيا بسبب تلك الحرب الطاحنة التي تطرقت للأسلحة البيولوجية بين مانوديك والمنشقين dissenters في أندونيسيا.
تألقت عينا الدكتورة الدعاء قائلة في ظفر:
هذا ما كنت أنتظر سماعه منك، فهو يوافق كل انطباعاتي وحساباتي واستنتاجاتي.
قلت في حزم:
بالتأكيد. أمر كهذا لا يمكن الشك فيه. الحقائق واضحة وضوح الشمس. وهذه ليست مجاملة.
قالت الدكتورة دعاء وهي تتنهد في ارتياح:
هذا يعني أنك ستساندني بإعطائي صوتك في استفتاء إعطائي براءة اختراع جهاز ترجمة لغة الحيوانات، بعد أن تأكدت الآن بنفسك من صلاحيته.
ابتسمت في إعجاب وأنا أقول صادقا:
بل وسأحضر أيضا حفل تسليمك جائزة نوبل فيما بعد عن هذا الاكتشاف التاريخي المذهل بشأن فيروس H5N1. إن العالم كله سيتمكن الآن من معرفة سبب انتشار الفيروس بعد أن كان حدث انتشاره في الماضي أمرا منسيا في غياهب التاريخ.
قالت في امتنان: أشكرك. أشكرك كثيرا.
نظرت إلى ساعتي فوجدتها تقترب من التاسعة مساء..
هذا يعني أنني قضيت أربع ساعات كاملة هنا، فصافحتها في حرارة قائلا وأنا أغادر المعمل:
معذرة، سأرحل الآن. فأنا منهك تماما وبحاجة إلى النوم بعد العمل المضني حتى الخامسة، ومن بعده تلك التجربة الرهيبة لجهازك العبقري الجديد. لو انتظرت لأكثر من ذلك سأصاب بالجنون حتما.
ضحكت قائلة في مرح:
لن يكون ذلك بالحدث الجديد، فأنت مجنون بطبعك.
هززت كتفي مبتسما وأنا أقول:
لم يجبرك أحد على العمل مع مجنون مثلي. لقد كان هذا اختيارك منذ البداية.
خرجت من المعمل وعقلي يغلي من التفكير..
كانت مغامرة ممتعة ولكنها مذهلة..
حقا إن الكون مليء بالعجائب النادرة التي يجب أن نتوقف عندها قائلين في خشوع: سبحان الله!!!!!
ها هو مجرد حيوان يحمل لقب مانوديك يضرب لنا خير مثال عن (معنى التضحية والشجاعة والقيادية)..
ها هو سر جديد من أسرار العلم ينكشف..
ويا له من سر!!
إنه ليس بالسر العادي.. إنه سر لغة الحيوانات!!
ذلك السر الذي سيفتح لنا أبوابا عديدة من العلم..
العلم الذي سيسير بقوته الكاسحة فاتحا لنا آفاق المستقبل أكثر وأكثر..
ولكني كنت ما زلت أفكر في كيفية تمتّع الدجاج بتلك الأسرار المذهلة من العلم، واستطاعتهم أن يطوروا سلاحا بيولوجيا لم يعرف البشر أنفسم مضادا له إلا بعد مرور ثلاث سنوات..
لكني فيما بعد عرفت من الدكتورة دعاء أنها في أحد تجاربها الجديدة بشأن جهازها الجديد الذي يستطيع ترجمة لغة الحيوانات بتقنية تبحث في الذاكرة التراكمية الوراثية، تمكنت من معرفة أن الدجاج بالذات له اتصالات عديدة بكائنات فضائية عاقلة متطورة ضئيلة الجسد يشبه تركيبها الجسدي تركيب الدجاج على أرضنا..
وقد كان من الطبيعي ألا يحتك هؤلاء الكائنات بالبشر، فهم بطبعهم يريدون الاحتكاك بمن يشبههم ويتوافق معهم جسديا..
كان ذلك الاكتشاف إعجازا تاريخيا آخر.. ألم أقل لكم أن كشف الدكتورة دعاء سيفتح آفاقا جديدة وأبوابا واسعة لا متناهية من العلم؟!
ستثير تلك الآفاق الجديدة من العلم دهشتكم وذهولكم، ولكنها أصبحت بالنسبة لي شيئا عاديا مألوفا خاصة بالنسبة للزمن الذي أعيش فيه..
كل ما يهمني أن العلم أثبت انتصارا جديدا للانسان..
انتصار الإنسان على فيروس H5N1 منذ ما يقارب الثلاثمائة عام..
وها هي عجلة الحياة تدور من جديد..
تدور بنا نحو الهدف هدف واحد لا غنى عنه لكل إنسان متحضر..
آفاق العلم …. والأمل.
تمت بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابن بغداد
عضو جديد
عضو جديد



عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي   اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي I_icon_minitimeالجمعة يناير 01, 2010 8:35 am

يسلموووووووو حبي المجروح كلك مبدع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اسرار وباء القرن القاتل........فانتازياا الخيال العلمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حصريا,النسخةالـdvdrip-axxo,النهائيه,المنتظره,لفيلم, الخيال,العلمي,Push,2009,مترجم,اكثر,سيرفر
» مع الجزء الثاني من سلسلة الافلام الخيال العلمي الرهيبة Star Wars II Attack of the Clones بحجم 300 ميجا و على اكثر من سيرفر
» اسرار حركات يد المرأه
» المرجعية العلمي
» اسرار عميقه عن طبيعة الانثى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منـــــــــــــتـــــــــديات نــــــــــهــــــــــــــــــاد :: ...................الاقسام الادبيه............. :: منتـــدى القصص والروايـــــات-
انتقل الى: