يتضح لنا من خلال الاجراءات التي قام بها المتوكل العباسي تجاه الإمام الهادي (عليه السلام) أنّ حركة الإمام وقيامه بمهامّه إزاء الاُمة وخاصّته ـ وهي القواعد المؤمنة بمرجعيته الفكرية والروحيّة ـ كانت حركة محدودة تخضع لمدى الرقابة والضغط الموجه إليه والى خاصته . فكان الإمام (عليه السلام) منتهجاً نفس السبيل الذي انتهجه آباؤه (عليهم السلام) ، وعلى وفق المصلحة العليا للرسالة الاسلامية وبمقدار ما تسمح به الظروف العامة والخاصة التي تحيط بالامام (عليه السلام) في عصره وهي ضرورة الحفاظ على مفاهيم الرسالة الاسلامية أوّلاً ومنع خاصّته من الوقوع في الانحراف أو ما كان يكيده لهم السلطان العباسي من منزلقات ثانياً .
ويمكن أن نصور مواقف الإمام الهادي (عليه السلام) على منحيين :
المنحى الأول : هو إثبات الحق ونقد الباطل ، على صعيد الاُمة الاسلامية ، سواء كان ذلك على مستوى جهاز الحكم أو على مستوى القواعد الشعبية العامة .
حتّى انّ يحيى بن أكثم قال للمتوكل : «ما نحبّ أن تسأل هذا الرجل ـ أي الإمام (عليه السلام) ـ شيئاً بعد مسائلي هذه وإنه لا يرد عليه شيء بعدها إلاّ دونها ، وفي ظهور علمه تقوية للرافضة»[9].
المنحى الثاني : هو المحافظة التامة على أصحابه ورعاية مصالحهم وتحذيرهم من الوقوع في أحابيل السلطة العباسيّة ومساعدتهم في إخفاء نشاطهم والحذر في التحرك بحسب الامكان . [10]
وتتضح لنا مواقف الإمام الهادي (عليه السلام) من خلال استعراض بعض الحوادث التي واجهها وما اتّخذ من اجراءات إزاءها لِنحصل على صورة واضحة المعالم حينما نأخذ كل ظروفه بنظر الاعتبار فتتضح من خلالها الحركة العامة للأئمة الأطهار والمواقف الخاصّة بكل امام .